شرعاً وقانوناً.. هل يجوز إلزام الزوجة العاملة بالإنفاق على المنزل أو على نفسها؟

التاريخ : 2020-12-04 (11:24 AM)   ،   المشاهدات : 933   ،   التعليقات : 0

شرعاً وقانوناً.. هل يجوز إلزام الزوجة العاملة بالإنفاق على المنزل أو على نفسها؟

انقسمت آراء شباب مواطنين حول مشاركة الزوجة العاملة في الإنفاق على المنزل بين معارض للفكرة ومتمسك بالرؤية الشرعية بقوامة الرجل على بيته، وبين من يرى أن تكاليف الحياة وضرورة استخدام عمالة منزلية تسد مسد المرأة العاملة، ما يحتم ضرورة مساعدة المرأة في الإنفاق على المنزل ولو بقسط معلوم.

وقالت شمه راشد: «حتى وإن كان هناك مشكلات حول ضرورة مساهمة المرأة في الإنفاق على المنزل، فيبقى الشرع الفيصل والذي ألزم الزوج القوامة بما فيها الإنفاق على متطلبات المنزل».

ورأت نوف سالم أنه حتى لو كان للمرأة راتب شهري أو مدخرات، فإن الزوج ملزم ليس فقط بالإنفاق على المنزل، بل على احتياجاتها أيضاً.

وذكر سعيد حمدان، أن كرامة الرجل تمنعه من الاعتماد على الزوجة للمشاركة في الإنفاق على المنزل، إلا إذا كان في ضائقة مالية وفضلت الزوجة أن تساعده بدلاً من الاقتراض.

على الجانب الآخر، أكد خالد الكثيري، أن مساهمة المرأة في الإنفاق على المنزل، يعد من الضرورات حالياً، ولا سيما مع غلاء المعيشة وزيادة متطلبات الإنفاق في حال خروج المرأة إلى العمل، ما يترتب عليه زيادة عدد العمالة المساعدة في المنزل.

وبينت حصة عبدالخالق أنه يمكن أن تساعد الزوجة العاملة زوجها في جزء من الإنفاق، إذا كان بينهما اتفاق مسبق على ذلك أو نوع من التفاهم أو ارتأت الزوجة أن سير سفينة الحياة الزوجية يحتاج إلى دعمها مالياً.

كما اتفق إبراهيم البلوشي مع الرأي الأخير في أن هناك حالات معينة يمكن للزوجة العاملة أن تساهم خلالها في الإنفاق على المنزل، منها إذا كان راتب الزوج لا يكفي، أو وقوعه في ضائقة مالية، أما إذا كان الزوج متيسراً، فلن يفكر بالأساس في أموال الزوجة.

وعلى الرغم من أن الرأيين الشرعي والقانوني، أقرّا بأن على الزوج الإنفاق المادي على الأسرة وعلى احتياجات المرأة، حتى العاملة، إلا أن الواقع قد يختلف، بحسب آراء متخصصين في الشؤون الأسرية، الذين يرون أن إعلاء المصلحة الأسرية واستمرارية الزواج يغلبان، في معظم الأحيان، امتناع الزوجة عن دفع نصيب من مصاريف المنزل.

ولأن المرأة العربية عامة، والإماراتية خاصة، معروفة بالوقوف إلى جانب زوجها في الأمور المعيشية كافة، فقد كرّس ذلك فكرة لدى المقبلين على الزواج بضرورة تقاسم العاملة منهن تكاليف الحياة الأسرية، ما حدا بارتفاع أصوات تنادي بإنشاء مراكز متخصصة تُعنى بتعريف الحقوق والواجبات للشباب والشابات المقبلين على الزواج.

 

لا إلزام شرعاً

وأكد المركز الرسمي للإفتاء التابع للهيئة العامة للشؤون الإسلامية، أن الإنفاق على المنزل يجب على الزوج، لكن إذا أرادت الزوجة العاملة المشاركة، فهو من باب التعاون والمساعدة فقط، موضحاً أن الزوجة غير ملزمة بالإنفاق، لكن يمكنها التعاون مع الزوج إن أرادت ذلك.

وقدّرت المستشارة الأسرية والباحثة الاجتماعية المتخصصة في التأهيل الأسري موزة القبيسي، وفق ما يعرض عليها من قضايا، أن 70 إلى 80% من حالات الطلاق بين الزوجات ذوات الدخل تكون لأسباب مادية، وهي إما عدم تعاون أحد الزوجين في الإنفاق على المنزل، أو إنفاق أحد الأطراف ببذخ، أو الأنانية المادية لأحد الزوجين.

وقالت القبيسي: بعض الشباب المقبلين على الزواج يتخوفون من الزواج من موظفة، تحسباً لحدوث خلافات مادية مستقبلية تخص الإنفاق على المنزل، مشيرة إلى أنه حتى وإن كان رأي الفقه والقانون أن يتحمل الزوج نفقات المنزل كاملة، إلا أن مصلحة الأسرة العليا قد تتطلب تعاون الزوجة مع الزوج في الإنفاق.

ولفتت إلى أنه لا توجد طريقة فضلى لتقاسم الأعباء المادية بين الزوجين، لكن الأمر راجع إلى الاتفاق والتفاهم بين الطرفين والحوار فيما بينهما، ما يجعل الأمور المادية ليست أساساً في التعامل بين الطرفين، مبينة أن هناك أموراً عدة من بينها أنانية أحد الأطراف في الأمور المادية أو عدم التعاون، فيما بينهما أو عدم وجود إدارة صحيحة للإنفاق المادي في الأسر، وجميعها عادة ما تؤدي إلى حدوث طلاق بين الزوجين.

 

الظروف المعيشية

وأوضح المستشار الأسري والباحث الاجتماعي طلال السلومي، أنه يمكن النظر للموضوع على اعتبارات رئيسية ثابتة اجتماعياً، وهي مسؤولية الرجل عن الصرف على أسرته، لكن في بعض الأسر تدخل الظروف المعيشية كسبب في قلة دخل الأسرة، وبالتالي تتطلب منها عمل المرأة الداعم للأسرة، وهذا يتطلب، بدوره، وجود تفاهم وتضحية بين الزوجين لمسيرة ناجحة ومستقرة للعلاقة الزوجية.

وأشار إلى أن غياب التفاهم وكثرة المتطلبات التي تفوق ميزانية الأسرة تؤدي إلى مشكلات قد تضر بأساس الأسرة، يمكن أن تصل إلى الانفصال، مشيراً إلى أن الحل يكمن في تنظيم ميزانية الأسرة من حيث الدخل والإنفاق بشكل متوازن، ودعم قيمة الادخار لتحقيق الصرف المتوازن، وعند الحاجة، وأن تكون المحبة والمودة خالصة، وتنتصر على المشكلات ذات الأسباب المادية.

 

إحصاءات

وحسب الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء، بلغت حالات الطلاق بين الزوجين الإماراتيين عام 2019، بالنظر إلى الفئة العمرية للزوجة والتي تصنف أقل من 20 سنة، 89 حالة فقط بنسبة 2% من حالات الطلاق، بينما ارتفعت في الفئة العمرية للزوجة ما بين 20 و24 عاماً إلى 598 حالة بنسبة 13.1%، وفي الفئة العمرية من 25 إلى 29 عاماً بلغت حالات الطلاق 986 حالة بنسبة 21.7%، في حين تصدرت في الفئة العمرية من 30 إلى 34 عاماً، مسجلة 1027 حالة بنسبة 22.6%.

وعاودت النسبة الانخفاض في الفئة العمرية من 35 إلى 39 عاماً إلى 788 حالة، بنسبة 17.3%، أما في العمرية من 40 إلى 44 عاماً فوصلت إلى 522 حالة وبنسبة 11.5%، ثم في الفئة العمرية من 45 إلى 49 عاماً 273 حالة بنسبة 6%، في حين وصلت الحالات في الفئة العمرية ما فوق 50 عاماً إلى 265 حالة وبنسبة 5.8%.

 

مطالبة بمراكز توعية

من ناحيتها، أوضحت المحامية هدية حماد، أن القَوامة هي مسؤولية الرجل وحده، وأن الزوجة العاملة ليست مطالبة أو ملزمة بدفع أي مبالغ إسهاماً في مصروفات البيت، ولكن إذا كانت المرأة التي لديها إيراد مادي ترغب في تحمل جزء من الأعباء، فكما تريد وليس إلزاماً عليها.

وأضافت: هناك فكرة منتشرة بشكل كبير أن المرأة لا بد من أن تساهم في الإنفاق ما دامت عاملة، وهذه الإشكالية كثيراً ما توصل أصحابها لأروقة المحاكم، فتارة يطلب الزوج من الزوجة مشاركتها في الإنفاق، وترفض الزوجة ذلك وتبدأ المشاكل من هذا الخلاف، وتارة أخرى يرفض الزوج الإنفاق على الزوجة رفضاً قطعياً، متعللاً بأنها تعمل ولديها راتب، ولا سيما إن كانت تتقاضي راتباً أعلى من راتبه، وغالباً ما تؤدي هذه المشاكل للطلاق.

واقترحت حماد إنهاء هذه المشكلة بإنشاء مراكز توعية تكون إلزامية لكل المقدمين على الزواج، ويكون دورها توضيح حقوق كل من الزوجين على الآخر.

 

اتفاق مسبق

من ناحيتها، رأت المحامية نجلاء بديوي، أن الأصل في أن يتكفل الزوج بنفقات زوجته كاملة حتى وإن كانت عاملة وتتقاضى راتباً كبيراً، حيث يتكفل بنفقاتها الشخصية أيضاً، لافتة إلى أن الزوجة العاملة يمكن أن تساعد في نفقات المنزل في حال كان هناك اتفاق بين الطرفين قبل الزواج.

وأشارت إلى أنه ميدانياً توجد حالات طلاق بين الزوجين بخصوص الإنفاق، حيث يطلب الزوج من الزوجة العاملة المشاركة في الإنفاق، أو يتنصل من مسؤولياته المادية، ويطلب منها التدخل لسدها، لافتة إلى أنه في كثير من الأحيان عندما تتدخل الزوجة في الإنفاق على المنزل، ينسحب الزوج من تلك المسؤوليات تدريجياً، وهنا تنشب الخلافات الأسرية التي يمكن وصفها بـ«العميقة».

| بواسطة:

إضافة تعليق

الخبر التالي

دنيا سمير غانم تدعم زوجها بعد إصابته بـ«كورونا»